السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

وأما الفصل السادس

صفحة 183 - الجزء 1

  فإن أبي أوصى بنيه بخطة ... ولست بناس للوصية من أبي

  وباع التراث عن أبيه لضيفه ... وشق فضول البرد غير مكذب

  فلا تعجبي مني فهذا وراثة ... وإن عجيبًا منك أن تتعجبي

  فإن شئت فاروي ما ذكرت وسامحي ... و إلا فلومي ما بدى لك واعتبي

  أترجين لما سود الشعر عارضي ... وأصبحت لا أزوي عن الشيب منكبي

  وطولت الأعناق من كل وجهة ... إلي لأخلاقي وأهلي ومرحبي

  رجوعي عن العليا ونقل طبائعي ... كمن يتشهى لحم عنقاء مغرب

  من شعر اتفقت منه هذه الأبيات.

  هذه سجايا هؤلاء القوم الذين قال أرشده الله: ما رأى أشح منهم نفوساً:

  فإن كان لهؤلاء القوم الذين حكى عنهم هذه الحكاية مزية في الكرم، وأخرجهم عن حكم الذين أضاف إليهم الشح، فنحن نحكي له ومن استحكى ممن يوثق به ممن يعرفهم أدلة، أدنى اتصال بأسبابهم أنهم من أكرم الشرف وشجعانهم، وأن المجتمع فيهم من مكارم الأخلاق أكثر من المجتمع في غيرهم، فإن مادحهم كثير، وذامهم لا يكاد يوجد، فما أليق الحال بما قال أبو تمام في بعض مدحه:

  كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي ومتى لمته لمته وحدي

  فأما الطبقة التي نحن فيهم فقد أضربنا عن ذكر كثير من ذكر أمورهم، لأن حمدنا لهم لا يُنزل بهم كرماً عازباً، وذمّ غيرنا لهم لا يزيل عنهم واصفاً واجباً.