السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 235 - الجزء 1

  لا يستطيع معه صبراً، إذ ليس يعلم كعلمه، ولا يقف على ما يرى من فعله، فأخبره أنه لا يصبر إذا رأى منه شيئاً مما لا يعرفه حتى يسأله ويبحثه، ويدخله الشك في فعله، فقال له موسى: ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً، ثم لم يصبر لما رأى ما ينكره قلبه حتى عاتبه فيه وسأله عنه، فكان أول ما أنكر عليه موسى #: خرق السفينة، فعظم ذلك في صدر موسى، فقال له ما قال، فقال له العالم: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ٧٢}⁣[الكهف]، فقال له موسى: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ٧٣}⁣[الكهف]، فغفرها له، وانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله، فقال له موسى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ٧٧}⁣[الكهف ٧٧]، يريد بهذا منه إذ هو خائف لا يؤمن سقوطه فأُجرت في ذلك، فقال العالم لموسى: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ٧٨}⁣[الكهف: ٧٨]، ثم أخبره بمعاني أفعاله، وصواب أعماله التي كانت عند موسى منكرة عظيمة، فاحشة كبيرة، وهي عند الله وعند العالم صواب، وعند موسى صلى الله عليه خطأ وارتياب، إذ لم يعلم وجه أمرها ولم يقف على كنه خبرها، فيصح له نير صوابها كما وضح لفاعلها، فقال فاعلها لموسى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ٧٩} إلى قوله {مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ٨٢}⁣[الكهف].

  فكذلك حال الإمام فيما شرحت، وحال من ذكرت ممن أنكر فعل الإمام، إذ لم يكن علمه كعلمه، ولا حاله في المعرفة بالنازلات كحاله، وكيف يستوي المتفاوتان أو يتزن الرطل والرطلان؟ لا كيف! وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: