جواب الإمام # على اعتراض بعض الشيعة في أمر الجارية
  ومن عالم يبغي مصالح نفسه ... فإن عدمت فالحق ليس بواضح
  ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... خلا قصدكم لا در در المصالح
  لما شننا الغارة في تهامة فتعطل مغناها، وارتاع أقصاها وأدناها - وهذه مِنَّة من الله سبحانه على المسلمين، أن ترتاع من صولتهم بحبوحة دار الفاسقين، وقرارة المتهتكين المارقين - وجاءت الغنائم مجلوبة، محلَّلَة من الله سبحانه موهوبة، وكنا على بصيرة من أمرنا، وقعت في يد الصنو الحسن بن حمزة منها جارية، أخذناها بعد استقرار الملك، وزوال الشك، وجعلناها الواجب عليه في غنائمه التي قد كان أصابها من الجوف وتهامة، فلما أضفناها إلى ملكنا تركناها عند الصنو الأمين، أبي اليتامى والمساكين، علي بن حمزة - تولى الله توفيقه - وأمرناه بتفقد أمورها بنفسه ومِن قِبَلِ أهله، عن حريتها ورقها، وهل طرأ عليها عتق بعد الرق؟ ولمن كانت؟.
  فاعترفت بالرق، وأضافت نفسها إلى من يجوز أخذه بغير الغارة، ولو لم تكن في دار الفاسقين التي جرت أحكامهم فيها وغلبوا عليها.
  ومع ذلك فإنّ رَأْيَنَا في ديار الفاسقين التي يتغلبون عليها: أن لنا الاختيار بين تحليل أموالهم وتحريمها، وبين سفك دمائهم وحقنها، ونسوي في ذلك بين قويهم وضعيفهم، ويتيمهم وبالغهم، وذكرهم وأنثاهم، وذلك رأي آبائنا $، لأن المعلوم من حالهم أنهم فتحوا المدائن الكبار، والأمصار العظام - وهي لا تتعرى ممن ذكرنا - فلم نعلم من حالهم التمييز بين الأملاك والمالكين، وإنما يكون ذلك نقمة على الفاسقين، ومحنة على غير المستحقين، يعيضهم عليها رب العالمين، كما نعلمه في الامتحانات.
  ونحن نعلم أن حكم أهل زماننا هذا مخالف لحكم البغاة الفاسقين، في عهد أمير المؤمنين؛ لأن خلافهم إنما وقع في مسائل ترجع إلى أحكام علمية أخطأوا فيها،