[موعظة ونصيحة]
  الداخل معك أكره المداخل، والنازل بنزولك أوحش المنازل، الذي لا تبعده عنك شدائد الأهوال، ولا يسلمك عند هول الجدال، فكيف تضيع ما هذا حاله، والله المستعان.
  ولما كنا وإياكم بما جمع الله سبحانه بيننا من الإسلام كنفس واحدة يألمُ كلُّها لبعضها، ويخص طولها عرضها، وكانت النصيحة مع ذلك من أركان الدين، بل هي أساس الدين.
  وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد الموثوق به إلى النبي ÷ أنه قال: «ألا إن الدين النصيحة» - قالها ثلاثاً -، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، وللرسول، ولأئمة المسلمين، وعامتهم»(١).
  وقال ÷: «تهادوا النصائح ولا تهادوا الأطباق».
  وحض ÷ على هدية الحكمة، وبَيَّن ما في ذلك من الثواب والرحمة، فقال ÷: «ما أهدى المسلم لأخيه المسلم هدية أفضل من كلمة حكمة يسمعها فانطوى عليها، ثم علمه إياها يزيده الله بها هدى، ويرده عن ردى، وإنها لتعدل إحياء نفس ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»(٢).
  فلما كان ذلك كذلك جعلنا الاهتمام بأمورهم من جملة الاهتمام بأمورنا، لأن لنا بالاشتغال بأنفسنا مندوحة عن غيرنا.
(١) رواه البخاري (١/ ٢٢)، ومسلم حديث رقم (٩٥)، والنسائي (٧/ ١٥٧)، وأحمد في مسنده (٢/ ٢٩٧)، والدارمي (٢/ ٣١١)، وغيرهم.
(٢) رواه الأمير الحسين في الشفاء (١/ ٤)، ورواه المتقي في كنز العمال رقم (٢٨٨٩٢)، وقال: رواه أبو يعلى في مسنده عن ابن عمر.