السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شروط من يستنيبهم القاضي في غيبته]

صفحة 404 - الجزء 1

  وأما الورع: فبه تكمل العدالة، ويؤمن الغلول والضلالة.

  فإذا تقررت هذه الأصول فلا بد لمن استخلفت من معرفة معاني خطاب الله وخطاب رسوله ÷ وأقسام حقائقهما وأحكامهما، وتوابعهما وأقسام توابعهما وأحكامهما، وما يجوز فيهما وما لا يجوز، وما يتعلق بذلك ويبتني عليه من معرفة القياس وعلله، وما يصح منها وما يفسد، وما يتبع ذلك ويبتني عليه ومعرفة الاجتهاد وشروطه وأحكامه.

  وأما اشتراط الورع الشحيح: فليحجزه عن الإقدام على الشبهات، وبيع الحق بالشهوات.

  ومما يشترط في خليفتك - إذ هو بحمد الله نائب عنك -: القوة الحسية، والفطنة الغريزية، التي يميز بها بين المشتبهات، ويفصل بها ما غمض من الحكومات.

  فإذا وجدت بحمد الله من هذه حاله فقد وسعك عند الله سبحانه، وعند أمير المؤمنين استخلافه، وهو النهاية في المطلب، وقليل ما هم، ونسأل الله تعالى العون والتوفيق، وإن تعذر أن يبلغ في العلم إلى ما ذكرنا، فيكفيك إن شاء الله أن يكون عارفاً بجمل من أقوال السلف الصالح من العترة الطاهرة سلام الله عليهم، لأن إصابتهم في أقوالهم معلومة، لكونهم ورثة الكتاب، وأولى الخلق بالهدى والصواب.

  وإنما قلنا يرجع إلى أقوالهم: لأن اجتهادهم فيما استقر يعين فرض القبول منهم، لكونهم سفن النجاة، وهداة الهداة، هذا إن لم يلزمك أمير المؤمنين الحكم باجتهاده وعلمه، فإن ألزمك ذلك كان حكماً يقطع ما سواه، يجب عليك الرجوع إليه،