الفصل الثاني: [في الاستعانة بالفساق]
  السويق على ما ذلك معروف(١)، فداجاهم(٢) # حتى ظهر شقاقهم يوم الأحزاب، ونصره الله عليهم.
  ومن ذلك: تجديد الحلف الذي كان بينه وبين خزاعة، وتجديد الحلف الذي كان بينهم وبين أبيه في الجاهلية على قريش وبكر وكنانة، حتى كان ذلك سبب الفتح، وكانت خزاعة عيبَةَ(٣) نُصح الرسول ÷ مسلمهم وكافرهم، ومعبد
(١) غزوة السويق: وقعت في ذي الحجة، سنة (٢) هـ، بعد بدر بشهرين، كان أبو سفيان قد نذر ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو النبي ÷، فخرج في مائتي راكب ليبر يمينه، حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له: ثيب، من المدينة على بريد أو نحوه، ولكنه لم يجرؤ على مهاجمة المدينة جهاراً، فدخل إلى ضواحي المدينة ليلاً مستخفياً تحت جنح الظلام، فأتى حيي بن أخطب، فاستفتح بابه، فأبى أن يفتح له، فانصرف إلى سلّام بن مشكم سيد بني النضير، فاستأذن عليه فأذن، فقراه وسقاه الخمر، وبطن له من خبر الناس، ثم خرج أبو سفيان إلى أصحابه فبعث بعضاً منهم، أغاروا على العريض، وقتلوا رجلين من المسلمين، وحرقوا نخلاً ثم هربوا راجعين إلى مكة، وبلغ رسول الله ÷ الخبر، فسارع لمطاردة أبي سفيان وأصحابه، ولكنهم أمعنوا في الفرار حتى أنهم ألقوا أرزاقهم تخففاً، وكان أكثرها السويق، فأخذها المسلمون، فسميت بذلك غزوة السويق، وبلغ رسول الله ÷ في مطاردتهم إلى قرقرة الكدر في الجنوب الشرقي للمدينة التي تبعد عن المدينة ١٠٠ كم تقريباً، ثم انصرف راجعاً.
(٢) داجى الرجلَ: ساتَرَه بالعَداوة وأَخْفاها عنه فكأَنه أَتاه في الظُّلمة، وداجاه أَيضاً: عاشَرَه وجامَلَه، يقال داجَيْتُ فلاناً إذا ماسَحْتَه على ما في قلبه وجامَلْته. والمُداجاةُ: المُداراةُ. والمُداجاةُ: المُطاولة، وداجَيْتُه أَي داريته، وكأَنك ساترته العَداوَةَ.
(٣) عيبة الرجل: موضع سره.