السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الفصل الثاني: [في الاستعانة بالفساق]

صفحة 118 - الجزء 1

  ثم انتهى الحال إلى أنه أكثر من ذكر مؤلفتك مراراً، وكرر ذلك أسفاراً، بألفاظ جافية لم يأمر الله نبيه أن يدعو الناس بمثلها، وتعنيف فظيع وتوبيخ قاطع بالتخطئة غير مجوز، وبنى ذلك على ألفاظ غير مسلمة وجعل لها أحكاماً:

  فأما قوله: مؤلفتك:

  فإنما هم مؤلفة الله، ومؤلفة رسوله، وابن بنت نبيه، الهادي بهديه، والدال على منهاجه، وإن عرف ذلك طائفة وأنكر ذلك أخرى، فقد تقرر الأصل كما قدمنا.

  ثم ذكر بعد ذلك بني صاع⁣(⁣١) وإقطاعنا لهم، وبنى على ذلك كلاماً كثيراً:

  فليعلم - أرشده الله - أنهم لم يُقطعوا، وإنما صُرف إليهم واجب بلد مُعَيِّن، وهو الهَجَر⁣(⁣٢)، ورأينا في ذلك صلاحاً، ولم نطلق أيديهم على الرعية بما شاءوا، بل رددنا الأمر في الرعية إلينا، وجعلنا ما يصير إليهم على يدي مأمورنا وأيدينا، ولسنا نؤاخذ بما فعلوه بغير أمرنا ولا رضانا، فإنا نعلم مثل ذلك في جميع أعصار الأنبياء المرسلين، والأئمة الطاهرين، ولولا ظهور ذلك لذكرناه.

  ثم حقق بعد ذلك كراهتنا للمسلمين، واستخفافنا بالصالحين، وذلك الذي أبعدهم عنا، وأنزحهم منا:

  والدعوى للغير لا تصح ما لم يصححها، والصالحون منهم أهل العلم والبصائر عارفون بتقديرنا لهم، وتشريفنا لمقامهم، متوجعون لبعدهم عنا وبعدنا عنهم، باقون على عهدنا، حافظون لودنا، طالبون بذلك رضا الله ورضا جدنا ÷؛


(١) بنو صاع: هم فخذ من فخوذ همدان، محلة في عزلة عيال منصور ناحية نهم قضاء صنعاء.

(٢) الهجر: المراد بها هنا بعض المناطق التهامية.