الفصل الثالث
  فإن قال: إنها على المؤمنين، فلم ينعقد بذلك إجماع، ولا يمكننا نقل الطباع، وإن علل ذلك بالاشتغال عنهم في بعض الحالات، بعلاج أرباب الجهالات، وإنما ذلك لهم، والطبيب لا يعالج إلا المرضى وأهل العاهات، فأما أهل الصحة فقد كفاه الله مؤونتهم بالعافية، وأما في وقت الفراغ فقد علموا وعلم الله ما أخلاقنا لهم، وأنت تعلم ذلك أيضاً أن سرورنا يظهر بأن نخلو من أشغال الناس فنتناشد الأشعار، ونتراوى الأخبار، ونتراجع المسائل.
  فأما قوله: من الصواب أن نُركب خيلَنا التي نُركبُها مماليكنا جماهيرَ أصحابنا، وسادات إخواننا، وأن ذلك أصلح وأكثر هيبة:
  وهذه مشورة ورأي رآه، ولا يمتنع أن يكون رأينا بخلاف ذلك، وليس هذا الرأي من الوحي المحكم الذي لا يجوز خلافه، وقد اختلف الصحابة ¥ في المسائل فلم يُهَلِّك أحد صاحبه، ولولا أني رأيت ركوبهم أهيب لي وأنفع، وأبقى وأصنع، لأنهم لا يفارقونني اختياراً، ولا يبعد علي تناول ما صار معهم، لفعلت ما أشار إليه، والله سبحانه أحكم الحكماء، فرضي اختيار العبد لولده فكيف لنفسه، وإنما تعبدتُ بنظري لنفسي ولم أتعبد بنظر غيري لي، فليتأمل ذلك موفقاً إن شاء الله.
  قال أرشده الله: