وأما الفصل الرابع
[ذكر المؤلفة في زمن النبي ÷]
  ثم ذكر قصة أبي سفيان وأنه رد مالاً:
  والظاهر من حال النبي ÷ أنه لم يُرد بذلك العوض، والظاهر يدل على خلافه، وأنه أراد به تألف قلوبهم على الوهم، ولبلاغ العذر، ولأن روايتنا في أبي سفيان استمرار النفاق حتى مات، ولأن رد في ذلك فما الذي ردت قريش في التمر والشعير الذي أمر به إليهم يوم فتح خيبر، فإنه أمر إليهم بأحمال كثيرة فرقت فيهم، ولا نريد بذلك إلا ما قدمنا، ولما وصل إلى حنين في الجمع الذي ذكرنا - وهو اثني عشر ألفًا: من أهل مكة ألفان، وعشرة آلاف من سائر القبائل - فكان أهل مكة في الحكم عليه لا له؛ لقرب عهدهم بالفرج.
  فلما انهزم المسلمون، ونجم نفاقهم، وظهر شقاقهم، فقال أبو سفيان: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر.
  وقال كلدة بن حنبل: اليوم بطل السحر.
  وقال شيبة بن عثمان: اليوم أقتل محمداً، إلى غير ذلك.
  فلم يمنعه ذلك ÷ من عطائهم، فهؤلاء مؤلفة جدي ÷، - وأنت قد عرفت مؤلفتي الذي أضفتهم إليّ، فأنا أسألك بالله لتشهدن هل هم أنصح أم مؤلفة جدي؟ وهل علمتهم قصروا في الطعن دوني في مشارق الأرض ومغاربها، وهاهم اليوم على باب صنعاء يخالسون عدونا الأرواح -، وكانت الغنائم اثني عشر ألف ناقة، والغانمون اثني عشر ألف رجل.