الفصل الخامس
الفصل الخامس
[أخذ المال من الرعية للدفاع عنهم]
  وهو الكلام في أخذنا من الرعية - الذين لا تجب عليهم - أكثر من الحقوق الواجبة على وجه الدفع عنهم بها ضررًا ليس بأكثر من الضرر الذي ينالهم بأخذ أموالهم.
  قال: على أيدي الولاة الخونة، والعمال الأثمة، ونهب المستضعفين من النساء والولدان، إذا اشتملت عليهم دروب المخالفين، كالهَجَر وسراقة والمحالب، وكذلك سلب حريم المخالفين وسبي نسائهم، وأخذ ما كان في أيديهن وعليهن، ثم عَرَّف كل شيء بموضعه من الأخراص والخلاخل والدمالج.
  والكلام على ذلك: اعلم أن هذا الأصل مبني على أن المأخوذ ممن ذكر من المستضعفين مثل ما كان يؤخذ منهم على عهد الظلمة، وهذا موضع النزاع، لأني أعلم - وأنا إنما أُطَالَبُ بعلم نفسي وظنها لا بعلم غيري ولا ظنه - أن خراج الظاهر السلطاني - غير ما يأخذه الوالي لنفسه - ستة وثلاثون ألفاً، ولقد حكى لي بعض المختلطين بهم أن رقاعات الجنايات على عمرو بن قاسم صحت اثنا عشر ألفاً، ولأجلها لزمه بوزبا(١) حتى خلص مالاً جسيماً، والذي فرقنا عليهم عموماً للمعونة في أمر الجهاد، ستة آلاف على حاشد وبكيل، لعله يتنجز منها أربعة آلاف، لأن منها مُقَوَّمة، ويؤخذ من كلٍّ ميسوره كما عُلِم، يعلم الله أنهم كانوا يأتون بالأطلاء مقومة فيكرهها الغز حتى يأتون بها إليَّ فأمضيها بما أرى فيرضى الجميع، ولقد بلغني من غير
(١) بوزبا: كان من أكبر أعوان الغز الأيوبيين، وكان متولياً لطغتكين على صنعاء، ومتولياً لأمر الجند، وكان شديد العزيمة، عارفاً بالحرب، ذا مكيدة ودهاء، وظلم وعسف.