السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الفصل الخامس

صفحة 152 - الجزء 1

  على تمييز المستضعفين، والأطفال من الجبارين، ولأن ذلك معلوم لما من سلفنا الصالحين، فإنهم فتحوا الأمصار والمدن العظام، فلم نعلم أنهم ميزوا بين الأملاك، ولا استخبروا عن الملاك، بل جعلوا الحكم للأعم الأكثر وأمثاله في الشريعة كثير.

  والهادي # قد أخذ ضاة وأملح، وهدم قرية النميص ونجران، وهدم المنازل وقطع الكروم، ولم يعلم منه # تمييز ولا طلب ذلك.

  وكان عسكره يغيرون فيأخذون الأموال، ولم يعلم عنه بحث ولا سؤال عن ذلك.

  وذلك ظاهر فإنه ذكر أن الهادي # لما حارب الربيعة علم أن دواباً للمهاذر بموضع يقال له: أفقين، فأمر علي بن محمد، ومحمد بن القاسم العلويين العباسيين في قطعة من خيل وأمرهما بالغارة على القوم، فأغاروا على البلد من مكان غبي، فأخذوا ما وجدوا من الخيل والإبل والعبيد والغنم والحمير، وانصرفوا إلى الهادي # بما غنموا، وأرادوا نهب الغنيمة، فمنعهم محمد بن القاسم وضرب رجلاً من العهري ضربة بالسوط، فاستعدى إلى الهادي #، واعترف محمد فعفى العهري عنه، فلما وصلت تلك الغنائم إلى الهادي # أمر بها أن تقسم على سهام الله، فقسمت خمسة أسهم، فأخذ الهادي خمساً، وقسم الباقي على السرية للفارس سهمان وللراجل سهم، ولم يبحث عن تلك الأموال وما فيها لليتامى، وهل منهم من بقيت له فضلة تكفي أولاده أم لا؟.

  قال الراوي: فلما رأت المهاذر ما حل بها من ذهاب أموالها وصلت إلى الهادي # مستأمنة، فعفى عنهم ورد عليهم الخمس تألفاً لهم، واستصلاحاً لقلوبهم، وهذا كما يدل من سيرته # على جواز أخذ الأموال جملة من غير تمييز هو دليل