الفصل الخامس
  الجبل، ووقع فيهم القتل والسلب، وطلع عليهم صنوه أبو محمد عبد الله بن الحسين من ناحية لقي امرأة معراة من ثيابها فطرح رداءه عليها، ولم يقدح ذلك فيه # عند الصالحين.
  ولإن جاز ما ذكرت من حرب القرابلي لنا للعلة التي ذكر ليجوزن لأهل الشام حرب علي #؛ لأن المأثور أنه # كتب في طريقه إعذاراً إلى أهل الطريق، وتعوُّذاً من معرة الجيش، ويأمرهم بالاحتراز، وتبرأ إلى الله من ذلك إلا من جوعة إلى شبعة، وفي رواية أخرى: من أكلة المضطر، ولا سيما وقد كان نجم عليهم خلاف الخوارج وأجازوا سبي الذرية وقتل النسوان وهم في عسكره، وقال: (علينا لكم ثلاث ما كانت لنا عليكم ثلاث: لا نمنعكم مساجدنا ما صليتم جماعتنا، ولا نبدأكم بحرب ما لم تبدأونا، ولا نمنعكم نصيبكم من الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا)، وكان عذر أهل الشام أنا خشينا الناجمين مع علي يكشفون حريمنا.
  وأما مسائل الشرع التي فرعها:
  فهي مبنية على أصول لم يوصل إليها، أعني: في الديات وما يتعلق بها.
  ثم عقب ذلك بأن قال: فإنا نقول: إن ذلك منكر، أعني: سلبهم عموماً:
  وقد قدمنا جوازه عندنا وفي مبلغ علمنا، وأنه يجوز عندنا استئصال أموال البدو - إن كانوا من أهل البغي - في تهامة وغيرها، لا فرق في ذلك بينهم؛ لأن ما في أيديهم قوة للظالمين، وبقاؤهم في بلادهم آنس للمفسدين، وقد أمر الله تعالى بالهجرة من دار الفاسقين في قوله تعالى: {فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ}[النساء: ٩٧]، فقال سبحانه جواباً لهم: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}[النساء: ٩٧]، فلم ينكر الاستضعاف وأنكر ترك الهجرة.