السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الرسالة الأولى: الناصحة المشيرة في ترك الاعتراض على السيرة

صفحة 159 - الجزء 1

  وحكى الراوي عن محمد بن عبد الله # قال: لقيت عبد الله بن الحسن وهو يريدُ محمد بن عبد الله قبل قيامه بالمدينة فقلت: يا ابن رسول الله، متى يكون هذا الأمر؟ قال: وما يسرك؟ قلت: ولم لا أستر بأمر يعز الله به المؤمنين، ويخزي الكافرين، قال: يا فلان، أنا والله خارج وأنا والله مقتول، ولكن والله ما يسرني أن لي ما طلعت عليه الشمس وأني تركت قتالهم، يا أبا فلان، إن امرأ لا يمسي حزيناً ويصبح حزيناً مما يعاين من أفعالهم لمغبون مفتون.

  قلت: يا ابن رسول الله، كيف بنا ونحن مقهورون مضطرون، لا نستطيع عليهم إنكاراً ولا لأفعالهم تغييراً؟

  قال: اقطعوا أرضهم، قال: فأعدت، فقال كذلك.

  ومن كان في بلد البغاة كان حكمه في استحلال الأخذ والقتل كحالهم؛ لأن الحكم للأعم الأكثر، كما يعلم بين المسلمين إذا سكنوا دار الحرب، أو كانت لهم أموال هنالك.

  وأما ما ذكر من الرؤيا قبل الغارة في حلملم⁣(⁣١):

  فكما أنه يجوز أن يكون لما توهمه من تخليط القوم في الغنيمة، يجوز أن يحمله على مثل هذه الأمور التي حدثت من قِبَلِه، وهو ممن إذا خوِّف بالله سبحانه خافه، وإذا ذُكِّر به ذكره، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}⁣[فاطر: ٢٨]، ولا يمتنع أن يكون ذلك لطفاً له إلى ما يليق به من الحق.


(١) حلملم: تطلق على قريتين، حلملم الأعلى، وحلملم الأسفل: وهما في الشمال الغربي للأشمور، ناحية عمران.