وأما الفصل السادس
  وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١٥٢}[الصافات: ١٥٢]، ومن قائل يقول: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[المائدة: ٦٤].
  ولما خلق الخلق سبحانه لغير حاجة منه إليهم، بل تفضلاً منه عليهم، جعل الملائكة $ أعلى طبقات خلقه، وأحلهم محالّ قدسه، وقربهم من مهابط رحمته، وصرفهم في دار كرامته، وجعلهم الوسائط بينه وبين المصطفين من خلقه، فذمهم قوم بأنهم إناث {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ١٩}[الزخرف: ١٩]، فانظر إلى كلام المربوبين في ربهم، وكلامهم في صفوة خالقهم.
  ثم كانت الطبقة التي تليهم من الخلق في الشرف والرفعة: هم الأنبياء $، فيكفيك من الشاهد على طعن أممهم عموماً قوله سبحانه حاكياً عن فرعون لما قص قصة موسى # قال تعالى: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ٣٩}[الذاريات: ٣٩]، ثم ذكر قصة عاد وقصة نوح، ثم عقب ذلك بذكر الأدلة التي أظهرها، والآيات التي نشرها، فأمر أبانا # بالتأسي بمن تقدمه فقال سبحانه: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ٥٢ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ٥٣}[الذاريات]، ثم عذره في التولي عنهم فقال سبحانه: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ٥٤}[الذاريات: ٥٤]، لما تناهى تماديهم في الضلالة، عذرهم في التولي عنهم بعد إبلاغ الحجة.
  ثم كانت الطبقة التي تليهم: الأئمة السابقون سلام الله عليهم أجمعين، وأفضلهم المعصومون، فقد علمت كلام منتحلي العلم في أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وأفضل