السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الرسالة الأولى: الناصحة المشيرة في ترك الاعتراض على السيرة

صفحة 172 - الجزء 1

  أوَ ليس في المشهور المأثور أن الناصر الأطروش الحسن بن علي # خرج تحت راية جستان معيناً له على حرب خراسان، وجستان على ما علم أهل المعرفة من ارتكاب المعصية والآثام، لأجل أنه أعطاه العهود أنه إذا ظهر على الخراسانية سلم الأمر إليه.

  قال الراوي: فلما وقعت اللقية، لم يثبت # ثبات مثله، ولم يتشدد في الحرب لقلة ثقته بوفاء جستان، فانهزم الناصر وانهزم جستان في قصة طويلة، فعاب عليه ذلك بعض من ينتحل العلم، ويدعي الفهم، فقال #:

  إن المنكر عشرة أنواع، فلما ترك منها اثنين رضيت بذلك، فلم أكره أن يترك من المنكر نوعين، ورأيت ذلك أقرب إلى الله، فقال #:

  وجستان أعطى مواثيقه ... وبيعته قائماً في الحفل

  وليس يُظن به في الأمور ... إلا الوفاء بما قد فعل

  وإني لآمل في الديلمين ... حروباً كبدر ويوم الجمل

  فلو تتبعنا قصص الأئمة $ لطال الشرح، واتسع الكلام، ولكنا نقول جملة: هل علمتَ من ثَمّ إلى يومنا هذا إماماً من أئمة الهدى $ قام فَسَلِمَ من طاعن يطعن، ومتعد يلعن؟ وهل كَثُر سواد المعتقدين لإمامة كل واحد منهم إلا بعد موته، لما أمنوا إلزامهم مشاق مؤن الجهاد، وجحد العيش، وضيق الحال.

  ثم الطبقة التي تليهم: هم المؤمنون، فقد قال عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ٢٩ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ٣٠ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ٣١ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ٣٢}⁣[المطففين]، وكان اعتقادهم فيهم في الدنيا اعتقاد سوء، فجعل الله عليهم دائرة السوء، فقال تعالى حاكياً عنهم في الآخرة اعتقادهم في الدنيا: {وَقَالُوا