وأما الفصل السادس
[ثناء الإمام على الشيخ عزوان بن أسعد الصاعي ومواقفه في نصر الدين]
  ومن ذلك: كلامه - أرشده الله - في الشيخ المكين، عزوان بن أسعد الصاعي، وما أنكر من تقريبه وتقديره:
  وعزوان كان من أعداد الظالمين، وأنواع الآثمين، فلما ظهرت هذه الدولة الشريفة، وقد كانت له قبلها سابقة محبة ورغبة في الحق، وذلك أنه نزل إلينا إلى براقش قبل الدعوة بكثير، وبايع قبل الدعوة بكثير وعاهد، فلما وقعت هذه الدعوة دعوناه إلى الدين فسارع وبايع، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، واجتنب المحرمات، وحارب العدو بنفسه ورجاله، ونصح لنا في جميع أحواله، وهو كريم قومه وشريفهم، لا ينكر ذلك أحد يعرفه، وقد قال رسول الله ÷ «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»، وله من العناية في تقوية هذه الدولة، ما يعرفه العالمون بها، وتعداد ذلك يطول شرحه، ولكنا نذكر الأدنى والأقرب:
  لما توسط إسماعيل بحبوحة الظاهر، وحط على أثافت وقل المناوي والمكاسر، أمر أخاه في جماعة من أصحابه، فشنوا المغار، في الليل والنهار، فعقروا جمال السلطان خاصة، في مكان يقال له قرفان، وهزموا الخيل التي كانت معها، وهي سبعون فارساً إلى قريب من المحطة، وأغاروا عليهم عصراً في حظيرة سوق، التي هي في شق مدينة أثافت، والمحطة فيها قدر ألف فارس، فعقروا فرساً أو فرسين، وصوبوا جماعة، فأما الليل في طول تلك المدة فما ناموا ولا أناموا، وما زالوا عليهم في كل محطة، النهار غواير، والليل بيات.