السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[المسألة الأولى: في الأمر والإرادة]

صفحة 197 - الجزء 1

  فإن كان مراده: هل يوجد نفس كل فعل بحسب إرادة الفاعل عن بعض الأفعال؟.

  الجواب ذلك: إن إرادة مجرد الفعل غير إرادة أحكامه، وإرادة نقضه غير إرادة إبرامه، ولولا وقوع الأفعال على وجه دون وجه، لما نصبنا الأدلة على الإرادة رأساً.

  وليس كون أنواع الكلام أفعالاً توجب المساواة: لأن الخارج عن أنواع الكلام كالمشي والكتابة أبعد نسبة إلى الكلام، ولا يوجب كونه فعلاً مساواته للكلام، بل لا يمكن لاستحالة قلب جنسه في الأصل.

  فأما الأمر والإباحة فهي موضوعة في صيغ تكشف عن معنى معقول، طلب التوصل إليه بما يميزه عن غيره، ويمنع غيره من مشاركته فيه، تقريباً إلى الفهم.

  وإلا فالمعاني في أنفسها لا تفتقر في صحة وجودها، إلى معرفتنا بحقائقها، إذ هي توجد وإن لم نعرف لها، إذ هي توجد وإن لم نعرف لها حقيقة أصلاً:

  الأمر في أصل اللغة: من الإمرار وهو الفتل، والشدة والإحكام.

  أو من الآمار الذي هو العلامة.

  والإباحة: هي الإطلاق ورفع الحواجز، ومنه باحة الدار التي لا حواجز عليها.

  وباح السر على معنى أنه لم يحجزه حاجز فخرج.

  وقد يميز الأمر على المباح بأشياء، وهي ورود الصيغة على جهة الاستعلاء دون الخضوع بشرط الإرادة.