[المسألة الثانية: في الجنين يموت في بطن أمه]
  لأنه لا يمتنع أن يتألم حي بما يتلذذ به حي آخر، ألا ترى أن الظبي يتلذذ بالحنظل، والإنسان يتألم به، وكذلك النعام تتلذ بالنار، والسمندل والإنسان تتضرر بذلك وتتألم منه، والأجرب يتلذذ بالحكيك والصحيح يتأذى به.
  وقد قلنا في قوله تعالى {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ٢١}[الواقعة]، أنها طيور قد استوفت أعواضها فلم يجب بقاؤها.
  أو طير خلقت في الآخرة ابتداء، ولم يصبها ألم، فهو موقوف على اختيار الباري سبحانه، ولم تألم بالموت كما ذكرنا، فلم تستحق عوضاً، فلم تجب إعادتها ثانية، هذا على قول من قال إنها حيوان.
  فأما من قال: إن الطير تخلق فيها حركات الطيران وليست أحياء، فهو خارج عن هذا المعنى، وألا نعد الأمثلة الأولى التي عرفناها بالمشاهدة ضرورة.
  ونقول: إنه لا يألم - أعني الجنين الميت في بطن أمه - بالموت، لأن الألم يحصل بمجرى العادة فلا يجب اطراده، ولا يمتنع حصول النادر في بابه مخالفاً لعمومه، فتفهم ذلك موفقاً.