كتاب الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية
  أن يتخذ عند العوام عذراً في التخلف عن الإمام، وقد عذروه فأضاف إثماً على إثم، وداوى جرماً بجُرم، كما يتداوى شارب الخمر بالخمر، فلو أنه لما تخلف - والتخلف جرم - لم يشفعه بمثله، ولا يعلل ما ارتكب من جهله.
  فهل يعترض في خلد عاقل أن أهل تهامة، وأجناسهم من الخاصة والعامة، ما تخلفوا من أربع سنين إلا للنظر، وإعمال الفكر في هذه الحادثة، أريها السُّها وتريني القمر، وليس طريق النظر هو المدعي، وكشف حاله لا يكون إلا بالمعاشرة كما نقول في تعديل الشاهد أو تواتر الخبر، لأنه خبر عن باطن حال، ودخيلة أمر، ودفينة سر، فكيف يطلع عليه من بعد المسافة.
  وما ظنك برجل يجرح رجلاً ظاهره العدالة، فإذا قيل: هل عاشرته؟ هل سايرته؟ هل خابرته؟ هل ناظرته؟
  قال: لا.
  هل يصح قدحه، فإن كان ممن سلب الخذلان ماء وجهه وأركس بخطيئته، وكان يغضة العترة طينته، وإنكار فضلهم سجيته.
  فقال: إنه بلغنا أن حاله قد استحال، وعمود دينه قد مال، وظل عدله قد زال.
  قيل له: إن بإزائه مَن باطنه وظاهره، أزكى من باطنك وظاهرك، وأوله وآخره أشرف من أولك وآخرك، وهما الأميران الفاضلان الكبيران، شيخا آل الرسول، وحجتا ذوي العقول، شمس الدين وبدره، ورأس الإسلام وصدره، يحيى ومحمد ابنا أحمد بن يحيى بن الهادي #، وأتباعهما من علماء الإسلام، الذين