كتاب الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية
  فأما من كان على مثل حال رجل قال لنا في وقت الحداثة: أما المسيد فلا نعتقد إمامته.
  قلنا له: ما اسمه، فقد تعثرت في لقبه #.
  قال: لا أدري.
  قلنا: يا أيها المخذول - أعني ذلك الأبعد - كيف تنكر إمامته #، وأنت لا تعرف اسمه، وإنما هي تقليدات وعادات وضلالات سكن إليها أربابها، لقلة التنبيه على النظر على الوجه الصحيح بظبة السيف، كما فعل النبي ÷، فإنها دعا ثلاث عشرة سنة فدخل الناس في الدين فرادى، ثم دعا بالسيف عشر سنين فدخل الناس في الدين أفواجاً.
  ومن ألقى حبله على غاربه ساب، ومن عفا من الحيوان نفر وهاب، وقل ما تنفر راحلة الرجل، فكيف وهي مرددة بين الشد والحبل.
  فلو كان أهل الاعتراض أيده الله شغلوا نفوسهم بالأطراف والثغور، لكان نظرهم فيما يصلح آلة حربهم، وما يداوي دبر دوابهم، وكيف تكون الحيلة في نكاية العدو والاحتراز من شره، فتأمل ما ذكرت لك موفقاً، تجد أكثر الناس عن الصبوح مرققاً، أسر للفتنة حسواً في ارتغاء(١)، فصار للدين الحنيف مونغا(٢)، أراد
(١) مثل يضرب لمن يريك أنه يُعنيك، وإنما يجر النَّفْعَ إلى نفسه. والاَرتغاء: شرب الرِّغوة.
وأصلُه الرجلُ يؤْتَى باللَّبنِ؛ فَيُظْهر أنه يريد الرغوة خاصة، ولاَ يريد غيرها، فيشربها، وهو في ذلك ينال من اللبن.
(٢) النغية: أول الخبر قبل أن تستثبته، والمعنى: ليس على ثبات ولا يقين في دينه، إنما يتظاهر به.