كتاب الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية
  أو كما قال آخر:
  وتُدفن منه الصالحات وإن يُسي ... يكن ما أسى كالنار في رأس كبكب
  هذا عمل من يطلب الخلاص من لوازم التكليف، ولات حين مناص، وكيف وقد خبط الحبالة، واستحكمت عليه الأشولة، ودرجت في عنقه السلسلة سلسلة، والله إن انقاد لها أوصلته باب الجنة، وحبالة إن استقر لها عاقته عن المعصية.
  فليس كعهد العام يا أم مالك ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
  يريد سلاسل الأيمان العائقة عن الطغيان، لأن امرأته على ترك الطلب بثأر له على سننهم في الجاهلية، فقال: ليس كما تعهدين، وقد صارت سلاسل الإيمان في أعناقنا مانعة لنا من طلب ثأر الجاهلية لإهدار رسول الله ÷، فتفهم أيد الله ما ذكرنا لك، فإن أعجزك الفهم، فلن يعجزك التفهم، وأول منازل الإنصاف حسن التثبت، ونعم الرائد للعقل المتفهم، ونعم العون على المعرفة حسن الإنصاف، فرحم الله امرئ أنصف من نفسه، ولم ينقد لأول عارض من الشك، وهو يجد مندوحة في النزول.
  وهذه مقدمة قدمناها مهاداً لما يأتيه من بعد فلاحظها مؤيداً حرفاً حرفاً وكلمة كلمة، فقد محضنا فيها لك الإنصاف محضاً، وأخرجنا تلك الأدلة من القلب، لرجائنا أنها تحل قلبك، لعلمنا أن ما خرج من اللسان لم يتجاوز الأذان.