السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 223 - الجزء 1

[الاعتراض السابع: ببعض أفعال الإمام الهادي #]

  قال أيده الله: وقد ذكر عن الهادي # أنه رد ما يأخذون من العلف، وكان يأمر بشرائه، حتى روي ما يذكر من أمر الفرسك، وصاحب الجمل الذي مضى به وتركه، وغر ذلك.

  واعلم أيدك الله: أن هذه أفعال، والأفعال محتملة لا يعترض بها على الأحكام، إذ هي تختلف باختلاف الأوقات والأمكنة والأشخاص، إذا كان الأصل صحيحاً - أعني في باب الإمامة - لم تغبِّر وجهَ الحق هذه العوارض.

  وأنا أبين لك ذلك تبياناً شافياً، وأن الأئمة $ اختلف نظرهم في أمر المال، لاختلاف الحاجات، ولاختلاف النظر في علل الاجتهاد وتضايق الأوقات، وقد علمت الخبر المستفيض، الضرورات تبيح المحظورات، وذلك أن المحظور لا يكون محظوراً مباحاً في حالة واحدة، وإنما يكون محظوراً في حال، مباحاً في حال آخر، كما نعلمه في الميتة، بقوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٧٣}⁣[البقرة]، هذا أخذ بقسطه.

  في الرواية عن محمد بن القاسم بن أبي شيبة، عن أبي سلمة، قال: كنت مع إبراهيم بن عبد الله بالبصرة فأتاه أناس فقالوا: يا ابن رسول الله قد أتيناك بمال تستعين به، فقال: من كان عنده شيء فليعن أخاه، فأما أن آخذه فلا.

  وقد علمت حال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #، ومطالبته بالمعونة، وسؤاله الناس، وحظهم عليه، حتى خوفهم بما ينتهي إليه حالهم إن لم يعينوه، فما ظنك بطاعن لو طعن عليه وقال: هذا خالف سيرة السلف الصالح.