السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 237 - الجزء 1

  واعلم - أكرمك الله - أن الله سبحانه حكم على الأئمة وافترض عليهم حسن النظر للبرية، وأن تفعل في كل معنى ما ترجو به الصلاح للرعية، وهؤلاء القوم الذين ترانا نضربهم بعد الحد في أرجلهم ثلاثين وأربعين وعشرين، فهم قوم قد بايعوا على الحق، وأعطونا عهودهم على الصدق، وعلى الأمر بالمعروف الأكبر، والنهي عن الباطل والمنكر، ثم نكثوا بعهودهم، وحنثوا في أيمانهم، فعملوا المنكر في أنفسهم، ورفضوا المعروف الذي يأمرون به غيرهم، وردوا الفسق بعد موته، وأحيوا المنكر في دار الحق بعد خموله، فكان أقل ما يجب على من نكث عهده، وحنث في يمينه التي أقسم فيها باسم ربه، أن يكون عليه في نقضه لعهده، وحنثه بقسمه أدب لما اجترى به على مولاه، وتمرد به في ذلك على خالقه، فأدبناه كما ترى غضباً لله، وانتقاماً لدين الله، وتنكيلاً له عن نقض العهود المعقدة، ورد الفاحشة بعد خمولها في دار الحق، وإظهار الكبائر والفسق، فهذا سبب أدبنا لمن نؤدبه بعد حد الله، وذلك الواجب على كل إمام في دين الله أن يفعله لمن نقض عهده، ونكث بعد قسمه بالله، ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}⁣[البقرة]، أن يحلف المرء بالله كاذباً، أو ينقض لله عهداً، وما نهى الله عنه ومنع عباده منه فلا بد لكل من اجترى عليه وفعله من الأدب، وإلا فلم يكن لنهي الله عنه معنى ولا سبب، فهذه حجتنا فيما عنه سألت من ذلك، فتدبر القول فيه يصح لك صوابه، ويزول عنك شكه وارتيابه.