[الجواب على الإعتراضات على السيرة]
[ذكر خرص الثمار]
  وهذا الأمر لا ينكره مسلم، ولا يدفعه من كان لأحكام رسول الله ÷ مُسَلِّماً؛ لأن الأمة كلها بأسرها - إلا أن يكون الشاذ الضعيفَ العلمِ - مجمعة على أن رسول الله، ÷، خرص وحزر ثمار المدينة وثمار خيبر، وكان يرسل في كل سنة عبدالله بن رواحة الأنصاري فيخرص الثمار كلها، ثم يأخذهم بخرصها، ويحكم عليهم بما حزر فيها، ونحن فكذلك فعلنا، وبه ÷ في ذلك اقتدينا.
  ثم احتطنا من بعد ذلك باستحلاف من أمرناه بخرص الثمار، فإذا أردنا أن نوجه قوماً يخرصونها من ثقات من نعلم، وأبصر من يفهم بخرص الثمار، ممن قد جرب فهمه، وامتحن في ذلك نفسه، ثم امتحنه فيه غيره حتى صح أنه أقرب أهل بلده إلى المعرفة بما وجهناه له من حزر التمر فيخرصه، ثم نستحلفه بأوكد ما نحلف به: لتنصحن ولتجتهدن ولتخرصن ولتقصدن الحق بجهدك، ولتحزرنه بطاقتك، ولا تعمدن لمسلم غشاً، ولا لمال الله وكساً، ولئن شككت في شيء من ذلك، والتبس عليك لتجعلن الحمل على أموال الله دون أموال عباده، ثم ننفذه فيما به أمرناه، فيجتهد ويخرص ويكتب ما يحرز ويخرص.
  فإن شكى أحد من الناس بعد ذلك غبنًا فيما خرص عليه وحزر استحلفناه على ما أتى من ثمره وصدقناه، وأخذنا منه على ما حلف عليه وتركناه.
  وكذلك قد نخير من خرصنا عليه نخله فنقول: إن شئت فخذ بما قد خرصنا، وإن شئت أخذنا وأوفيناك حقك على ما خرصنا وقسمنا. فهل على من فعل ذلك