كتاب الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية
  فإن قيل: إن ذلك لا يجوز لأن منهم الصبي والمرأة ومن لا يجوز قتله.
  قلنا: وهذا قائم في الكفار، لأن فيهم الصبي والمرأة ومن لا يجوز قتله، والله تعالى يقول {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ٣٧ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨}[النجم]، وإن اختلف حكم الذراري في بعض الوجوه فلن يختلف في كلها.
  وأما قولك: إن اتقى البغاة في حربهم بأولادهم ما يكون حكمنا معهم؟ وكذلك إذا دخلوا بين أولادهم، وبغيهم باق؟:
  [الجواب عن ذلك]: رميناهم بالمنجنيق لنريح البلاد والعباد من شرهم، وندفع عن الأمة ضرهم، ونحن نقول بهذا الحكم فيمن كان الغالب عليه الفسق، في نسائهم ورجالهم، ولعدم الصلاح فيهم جملة، فحال هؤلاء أشبه بحال الكفار منهم بحال المسلمين، وأهل القبلة من الفساق المتأولين.
  فانظر فيما شرحتُ لك - أيدك الله - وإن كنا نعلم أن سؤالك في ذلك سؤال موسى بن عمران لربه لما تبين له الأمر قال {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}[الأعراف]، لأنه لم يكن شاكاً أن ذلك لا يجوز.
  وقد وجهنا بالجواب إليك، والمراد البيان لمن شكك على نفسه، ولبس يقين قلبه سواك، فنقول وهو من الباب الأول، فتبين ذلك فصلاً فصلاً، وقف عليه باباً باباً، فإنك تقع على الصواب فيه، وتفوز بقدح القامر منه، ما لم تتشاغل عنه بتشاغل المستفرغ، وتصد صدود الممقت، جتم الله لنا ولكم بالخير، ومنحنا الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد.
  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم