السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

جواب الإمام # على اعتراض بعض الشيعة في أمر الجارية

صفحة 288 - الجزء 1

  وذلك على أصل غير مستبين، لأن الله سبحانه لم يساو بين خلقه في الأرزاق والقسم وسائر أنواع النعم؛ لأن الأثر الذي لا يمكن دفعه عن النبي ÷ المفاضلة بين المسلمين، وذلك معلوم لمن علم آثاره عليه سلام رب العالمين، ألا ترى إلى فعله # في غنائم حنين وهي حصائد أسياف المسلمين، وكان الجيش اثنا عشر ألفاً، الذين فتح بهم مكة عشرة آلاف، وألفان من أهل مكة، وكانت الغنائم اثني عشر ألف ناقة، أعطى اثني عشر رجلاً - أكثرهم منافق - كل رجل منهم مائة ناقة مائة ناقة، ونَفَّل بعد ذلك من رأى تنفيله، وقسم ما بقي للفارس سهمان وللراجل سهم، فإذن المساواة لا تجب إلا فيما رأى الإمام أن يساوي فيه.

  ولقد قدح ذلك في قلوب قوم من الأنصار حتى قالوا: قاتل بنا محمد حتى استوت له الأمور ثم آثر قومه بالأموال في قصة فيها بعض طول.

  وكذلك فإن عمر لما دون الدواوين، فاضل في العطاء بين المسلمين، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فجرى مجرى الإجماع، وكانت أعطيات قريش أعظم، وللمهاجرين والأنصار عليهم سابقة الإيمان والجهاد والهجرة، ونحن نعلم من ظاهر الحال أن أكثر أهل زماننا ما يغضب إلا طلباً للأثرة، فإن لم يحصل طعن بعلة المساواة، - حاشا الفقيه المقدم الذكر -، وإنما عنينا بذلك كثيراً ممن عاشرنا، فالله المستعان.

  وبلغنا أنه نقد علينا في تركيب عبيدنا:

  والمعلوم من ظاهر الحال أن الذي تحتهم كالوديعة لبيت المال؛ لأنا إذا رأينا وجهاً من وجوه المصالح أنزلنا الراكب منهم من مركبه.

  ومع ذلك فما كان أحد ممن كان معنا منهم قبل ولايتنا لهذا الأمر راجلاً.