السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

جواب الإمام # على اعتراض بعض الشيعة في أمر الجارية

صفحة 292 - الجزء 1

  فقلنا: إنا نُكَفِّرُ عنك يمينك.

  فقال: لست أرضى ركوبه.

  فقلنا: إن الناس يركبون الإبل ويغزون عليها، فاجعله مطية حتى يحصل لك الجواد السابق، فأنت به حقيق، وهو يعلم ذلك، فكره ذلك.

  ثم تقدم منا وجاءنا منه ما لا نريد إعادته نظماً ونثراً، مع أنا كتمناه لما رأينا في ذلك من المصلحة العائدة على المذكور؛ إذ الظن فيه من الجميع جميل، مع أنه لو ظهر ما زاد على ما نحن فيه من العدوّ الكاشح، ولا وجد موضعاً خالياً، كما قال الشاعر:

  رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال

  فها أنا لا أبالي بالرزايا ... لأني ما انتفعت بأن أبالي

  فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال

  أنا الغريق فما خوفي من البلل

  ولقد بلغنا عن كثير من المنتحلين للدين أنهم أطلقوا اللعن والسب والكلام القبيح، ولو لم يظهروا ذلك اليوم لعلمنا أنهم يظهرونه فيما بعد اليوم، وأنا نموت والناس فينا رجلان: لاعنٌ ومُصَلٍّ، يقتتلان حتى تقوم الساعة ونلقى الله، فإن نجونا عنده كان ذلك لنا زيادة، وإن هلكنا - والعياذ بالله من ذلك - فأهون بكلام الناس في جنب عذاب الله.

  غير أن الذي نرى في باب الدين - لا حمية على نفوسنا ولا أنفة -: أن من ظهر منه سب لنا لزم تأديبه ديناً بالضرب والحبس؛ لأنا نعلم أن رسول الله ÷ رسول فضله الله على سائر الرسل، فالمعلوم منه ÷ أنه قال: «من سبني فاقتلوه»، ولم يقل ذلك غضباً ولا أنفة، وإنما قال ذلك مصلحة في الدين؛ لأن بقاء هيبة النبي والإمام فيه عز الإسلام، إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين.