الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال
  فكما لم يحسن لأحد أن يقول: لِمَ أحدثتم اسم الفاسق ولم يذكره السلف؟، - بل كان اسم الإسلام يعم الكل، واسم الإيمان كذلك، وإنما يقال: يا فاسق سباً وشتماً، يطرح عند الرضا لفظاً وحكماً -، كذلك لا يقال: لِمَ سميتم دار هؤلاء دار الفاسقين؟.
  واعلم أنا ما علمنا بتسمية جعفر بن مبشر(١) ولا أبي علي(٢) رحمهما الله ولا موافقتهما لنا في ذلك، ولا كنا بالمستوحشين لو لم نعلم قولهما، لكوننا قلنا ما قلنا عن برهان، ولكن الوفاق أحب إلينا، وهما - وإن كانا من كبار العلماء - فعلمهما وعلم غيرهما مقتبس من أنوار علمنا أهل البيت، حتى إن كبار المعتزلة وصلت إسناد أخذها لعلمها إلى أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي، ابن الحنفية(٣)، ولا نكره أن يحمينا أبو علي من نقض الإجماع في التسمية، إذ أحد من أهل العلم لا يتجاسر على تجهيله وتخطئته، فكيف وفي الأثر أنه صنف مائة ألف ورقة وخمسين ألف ورقة، وهذا أبو هاشم ولده من تلامذته، والصيمري(٤) والإخشيذ(٥)، وأفراد العلماء الكبار، وقناة
(١) جعفر بن مبشر بن أحمد بن محمد الثقفي المتكلم، أبو محمد، من معتزلة بغداد، كان من الكلام والقرآن والزهد والنسك في محل وكان يضرب بالجعفرين المثل، من أهل الطبقة السابعة، توفي سنة (٢٣٤) هـ.
(٢) أبو علي الجبّائي: هو محمد بن عبدالوهاب الجبّائي البصري، من الطبقة الثامنة من طبقات المعتزلة، شيخ المعتزلة، ومقدماً فيهم، وكان ممن يقول بتفضيل أمير المؤمنين علي # كما حكاه ابن أبي الحديد في شرح النهج، له مصنفات كثيرة في علم الكلام، توفي سنة (٣٠٣) ه.
(٣) عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، ابن الحنفية، أبو هاشم، هو أخو الحسن بن محمد المديني، روى عن أبيه محمد بن الحنفية، مات في الشام في ولاية سليمان بن عبد لملك.
(٤) هو عباد بن سليمان الصيمري، من علماء المعتزلة، توفي سنة (٢٥٠) ه، تقريباً.
(٥) هو أحمد بن علي بن بيغجور، أبو بكر ابن الإخشيذ: من رؤساء المعتزلة وزهادهم، كان فصيحاً له معرفة بالعربية والفقه، من تصانيفه (نقل القرآن) و (الإجماع) و (اختصار تفسير الطبري)، مولده سنة (٢٧٠) ه، ووفاته سنة (٣٢٦) ه.