[وجه تسمية دار الفسق دار حرب]
  تعلم، وشرعياً حيث عصوا معصية كبيرة دون الشرك والكفر، فكما أن لهم اسماً بين الاسمين، كذلك لدارهم اسم بين الدارين.
  وكما أن هذا الاسم حادث كما يعلم في عصر واصل بن عطاء وقتادة وجماعتهما، وسببه كثرة هذا المسمى، واحتماله للأفراد، وجريان الكلام فيه حتى اختلف أهل القبلة، كذلك اسم هذه الدار حادث لوضوح أمرها، وغلبة أهلها وعادتهم، وتشايعهم على المنكر عموماً، من غير إنكار من يؤثر إنكاره، بخلاف الأعصار المتقدمة فإن المعاصي كانت تحدث من الواحد والاثنين ومن الجماعة على وجه التأويل، كما في عهد الخوارج على عهد علي # وبعده، وجلالةُ الإسلام باقية، وظواهر أحكامه في الجميع جارية.
  فإن الحدود كانت على عهد بني سفيان وبني مروان - لعنهم الله - جارية على وجوهها، حتى أنه عرف أول حد أسقط منها، وكان نادرة.
  وذلك فيما روي أن القطع وجب على غلام في عصر عبد الملك فأمر بقطعه، فقالت أُمُّه: يا أمير المؤمنين، واحدي وكاسبي، هبه لي، فقال: وهل يسعني أن أهب حداً لله؟ قالت: اجعل ذلك من جملة ما تستغفر الله عنه يوم القيامة، فضحك ووهبه.
  وحتى إنه ذكر أول قاض حاف في حكمه عمداً فقيل: إنه بلال بن أبي بردة(١) في قصص طوال.
(١) بلال بن أبي بردة عامر بن أبي موسى الأشعري، أمير البصرة وقاضيها، كان راوية فصيحاً أديباً، ولاه خالد القسري سنة (١٠٩) ه، فأقام إلى أن قدم يوسف بن عمر الثقفي سنة (١٢٥) ه، فعزله وحبسه، إلى أن مات سنة (١٢٦) هـ تقريباً، لم تحمد سيرته في القضاء، وكان يقول: إن الرجلين ليختصمان إليّ فأجد أحدهما أخفّ على قلبي فأقضي له! وهو ممدوح ذي الرمة الشاعر.