الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال
  بشيء فإنما هو على الاستقرار والتمكن، وهو رأينا كما علمت في أهل الردة أنهم يستتابون، فإن أبوا قتلوا وقسمت مواريثهم، ولم نكثر الكلام فيها إذا كانت لهم شوكة؛ لأن عندنا إذا كانت لهم شوكة قتلوا وسبوا كما يسبى أهل الشرك.
  وكل ما كان مذكوراً في الكتب يحتمل أحد وجهين:
  إما أن يكون ذلك رأي صاحب ذلك الكتاب.
  أو يكون كلامه على أمر ماض مستقر ليس فيه نزاع ولا حرب قائمة، أو في أهل بغي مستمسكين بأحكام الشريعة إلا في مخالفة الإمام #، وهي مسألة واحدة يكفي فيها الرجوع إلى الله سبحانه وإلى الإمام.
  فأما فساق هذه الأمة في زماننا فما معهم من الإيمان إلا مجرد الشهادة، فبعض اليهود ينطق بها من دون التزام أحكام الشريعة، فلم يخرج بذلك من حكم اليهودية، ولا دخل في حكم الإسلام، ولا يُطَهِّرُ أدناسهم إلا ما ذكرنا من استئصال شأفتهم، وتعميم الحكم فيهم في هذه الدنيا؛ لتعذر التمييز، بل هو دونه، وحسابهم في الآخرة على الله، وأرى أن الإمام ناج في ذلك، واجتهادهم مختلف كما ترى.
  كما حكي عن محمد بن إبراهيم # أنه كان يكره البيات، وصوبه الهادي #، ولم يكن أمر المهدي لدين الله محمد بن عبد الله النفس الزكية إلا في المدينة وعاجله الأمر قبل استحكامه، وكلامه في السير معروف، وإبراهيم بن عبد الله # استقر في البصرة، واستفحل أمره، وكان خفيف الوطأة على الرعايا، وتكلفت بنو العباس حسن السيرة في أيامه تطبعاً لا طبعاً، وكان من بينه وبينهم من الرعايا مظهرين لاتباع أمره، مؤثرين لمحبته، ومقاومتهم له من الكوفة، وفيها جمهور