الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال
  شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيان أخي جابر
  فأما إذا ثُني الوساد، وسلس القياد، وقع التمييز وأخذت الأمور على مفاصلها، وقطع بين قاطعها وفاصلها.
  وأما إنكار روايتنا لما ذكرنا عن السلف مطلقاً مع وقوع الخلاف في ذلك، أو أنه وجد في الكتب على غير ذلك الوجه:
  فلا وجه لإنكاره؛ لأنا نعني من فعل مثل فعلنا ممن ذكرنا فعله وإن عممنا باللفظ، فهم آباء خير آباء، وقد روي عن المؤيد بالله قدس الله روحه أنه قال في بعض مسائله: (وللإمام اختصاص بأمور منها: أن له إحراق دور أعدائه، وإتلاف أموالهم إذا رأى فيه صلاحاً، كما روي عن السلف)، هذا قوله #، فقد رأيت كيف أطلق مع أن من السلف الصالح محمد بن عبد الله النفس الزكية لم ير جواز سلبهم فضلاً عن أخذ أموالهم، كما روي عنه، وأخوه إبراهيم بن عبد الله # أمر إلى رجل في قصص طويلة بلغنا: أن عندك مالاً لهؤلاء الظلمة فسلمه إلينا، فأمر إليه: يا ابن رسول الله ذلك حق، ولكني أخشى أن يظهروا عليك فيطلبوا تغريمي، وليس في وسعي غرامته، فتركه.
  فهذه أحكام كما ترى تختلف فيها المتماثلات لاختلاف نظر صاحب الوقت، وإذا كان مالك فقيه الدهماء، - وأول من صنف في الفقه على ما يحكى - سئل عن السدل هل يجوز أم لا؟ فقال: قد رأينا من يقتدى بفعله فعل ذلك، وهو لا يعني إلا عبد الله بن الحسن #، فَلِمَ لا يكفي في الاقتداء أن يرى الإمام الذي يعتقد وجوب إمامته يصل إلى مدينة أهل الفسوق والردى فيدعها فحمة سوداء، أو جثوة غبراء، غضباً للملك الأعلى، ثم يعلم أنه لا بد فيها من الضعفاء فهل يسكت على الداء، ولا يطلب لصحة الفعل وجهاً، ولا يبعد عندي أن يؤدي القول بغير ما قلنا