السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال

صفحة 329 - الجزء 1

  وأما ما ذكر من النصوص فهي عندنا لا تطلق، إلا ما كان من الله ومن رسوله ÷، والنص لا يجوز خلافه ولا تعديه ولا اطراح حكمه، فأما ما يقع من أقوال الأئمة $ فصرفه إلى ما ذكرنا هو الواجب، وهو حق عندنا موافق لما قلنا على الوجه الذي قلنا، ولو خالف لم يخرج عن كونه حقاً، وهو محتمل؛ إذ له وجه يصرف إليه، والفعل لا يحتمل.

  فأما قوله أيده الله: لعله فعل ذلك عقوبة:

  فذلك صحيح؛ إذ لا يفعل إلا عقوبة، وإنما حديثنا في عمومه للجميع، وهو الذي وقع فيه الكلام؛ لأنا لم نعلم من حالهم التمييز، وإن وقع في بعض المواضع؛ لأنه أمكن كما قدمنا تفصيله، وكما نطلق أن الواقع في الأمم الماضية عقوبة، وإن كان فيهم من لا يستحق العقوبة كالأطفال، فنجعل الحكم للأعم، ويكون محنة في حق من لا يستحق، وعقوبة للمستحق.

  فأما ما ذكر من تفصيل أقوالهم في الكتب والوجوه التي أخذت عليها أموال الفساق:

  فذلك أمر صحيح عنهم، صحيح منهم جميعاً تضميناً واستحقاقاً؛ لأن للإمام أن يستوفي منهم الحقوق لولايته وإن تقاعسوا، وكذلك فيمن وجد شيئاً معيناً في خزائنهم وصح ملكه له وهو أولى به، إلى نهاية ما ذكر القول فيه، وليس بينه وبين كلامنا تناف، ونحن نجيز أخذ أموالهم تضميناً وعقوبة، ومن لا يستحق العقوبة إذا لم يمكن تميزه أجري عليه حكمهم، وكان ما يلحقه محنة، وقد فهمت أن كلامنا الأول في الدرج يدل على ما ذكرنا من أن جريان الحكم عليهم لتعذر التمييز؛ لأن من البعيد أن تُغيرَ الخيلُ إلى تهامة - مثلاً - فإذا جازت المدينة العظيمة أمرت للعدول والفقهاء تميز لها أموال الفجرة من المسلمين، هذا يتصوره من لم يعرف كيفية هذا الشأن.