[جهاد الفساق أولى من جهاد الكفار]
  والحكم للغلبة، وقد بينا أن ذلك لا يجوز إلا مع الغلبة، وزدنا تعذر تمييز هذا مع وجوب جهادهم وحربهم، واستئصال شافتهم، وتعفية آثارهم، وهذا لا يصح إلا بما ذكرنا.
  وأما ما ذكر من قول علي #: (أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير)، إلى آخر الحديث:
  فذلك حق، إلا أنه قول محتمل؛ لأنك تعلم أن الحكم فيه عام، وقد أخذنا ولد الكافر بكفر أبيه، فكانت علة في أخذه، وإن كنا نجعل ما يناله من الغم محنة في حق الصغير، عقوبة ونقمة في حق الكبير، عند التحقيق، وكذلك يكون الكلام في الفساق على الوجه الذي ذكرنا، وإن علل الشيخ علي بلال | أخذ أموالهم بأمرين:
  أحدهما: أن يكون خراجاً وجزية أو مصادرات، أو يكون من خالص أموالهم، فيؤخذ على وجه التضمين، فإن تعليله لا يمنع من إحداث علة ثالثة ورابعة، ولو شايع على ذلك أيضاً جماعة من العلماء أعني في التعليل، وإنما الخلاف إذا اعتلت الأمة جميعاً بعلتين، واستدلت بدليلين، أو ذكرت في مسألة قولين للأمة جميعها هل يجوز إحداث ثالث أم لا؟، فعند بعضهم يجوز، وعند بعضهم لا يجوز، على ما ذلك مقرر في أصول الفقه، وقد ذكرناه في كتاب (الصفوة) مبرهناً، وتلك حكاية حسنة، وقول ممكن في بابه، وقد بينا وجه قولنا ودليله، فكان زيادة فائدة، وعلماً لمن أراد الاقتداء، وبينا أن ذلك فعل من تقدم من الآباء $، وتكلمنا في القول والفعل بما نرجو أن يكون فيه كفاية إن شاء الله لمن اكتفى، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.