السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بعض حقوق المؤمنين فيما بينهم]

صفحة 344 - الجزء 1

  وهذا الخبر كما ترون جامع لمكارم الأخلاق، وفيه ندب إلى ما أشرنا إليه، من حيث أنه لا أهم على المؤمن في الدنيا من دينه، ونحن نعلم هذا الحال من أنفسنا.

  فإذا طلبنا من أخينا آلة دينه فأعارنا تقريباً لنا، واحتساباً فينا، وحسن بنا ظنه في أمورنا، كان قد نفس عنا كربة عظيمة في أمر ديننا.

  وكذلك إذا رأى منا عورة سترها كما يحب أن يستر الله عليه، - والعورة هي الفعل القبيح الواقع من قبلنا، إلا أن يرحمنا ربنا - على أحد وجهين:

  إما لجهل أحدنا بقبحه، فيجب على أخيه [أن] يُعلمَه بقبحه، ويأمره بالرجوع إلى أحسن أحواله، بلطف وإرشاد، لا بزجر وإيعاد.

  وإما لبادرة غضب أو هوى كان الواجب على أخيه وعظَه وتذكيرَه بأيام ربه، وأخْذَاتِه في العاصين له، المتعدين حدوده، ولا يشهر أمره، ولا يبكته على رأيه، هذا بعد أن يكون الأغلب عليه الصلاح، وكما يحب أن يفعل الله معه فليفعل مع أخيه.

  وأما قوله #: «الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»:

  فظاهر فيما أشرنا إليه ظهوراً شاملاً، لا يجهله إلا من كابر عقله، وكما أن المعونة تشمل أمر الدين والدنيا، فلا شك في كون المعونة في أمر الدين أعظمهما أجراً، وأرفعهما عند الله سبحانه وعند الصالحين ذكراً.