السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تبادل المنافع بين المؤمنين]

صفحة 345 - الجزء 1

  وقال ÷ في مثل ذلك: «أيما مسلم كسى مسلماً ثوباً كساه الله من خُضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسكيناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم»⁣(⁣١).

  فانظروا رحمكم الله ما في مقابلة نفعكم لإخوانكم في أمر الدنيا من الخير، فضلاً عن النفع في أمر الدين، فوأيم الله - يميناً مشفوعة بالصدق، مبرأة عن الحنث والتحريف - لو وعدنا بالرحيق المختوم على سقي الكلاب والخنازير لكان الأولى لنا سقيها في آنيتنا وغسلها، بل لو كان من شرعنا تحريقها أو تمزيقها لكان ذلك هَيِّنَاً في جنب هذا النفع العظيم.

[تبادل المنافع بين المؤمنين]

  فانظروا رحمكم الله بأنظار البصائر مَن الرابحُ ومَن الخاسرُ، أمَن نفع إخوانه المسلمين، واتبع فيهم أمر رب العالمين، وما حجته في منعهم آلة الدين، ليكون بزعمه من المقربين، كلا ورب الكعبة المحجبة، والعترة الطاهرة المهذبة، حتى يَخفض لهم جناحَه، ويُذهب عنهم طماحَه، ما حجته على ما هذا حاله ومَن دليله عليه، وإنما ينتفع بالترغيب من رغب.

  وقال ÷: «المؤمن إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يَألف ولا يُؤلَف، وخير الناس أنفعهم للناس»⁣(⁣٢)، وهذا خبر يُعلم معناه بظاهر لفظه:


(١) رواه في أمالي الإمام أحمد بن عيسى (٨٨٩)، ورواه الإمام الهادي # في الأحكام (٢/ ٥٢٨).

(٢) رواه الإمام أبي طالب في أماليه، الباب الثالث والثلاثون، وروى نحوه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية بلفظ «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس».