السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تبادل المنافع بين المؤمنين]

صفحة 346 - الجزء 1

  فإن الإلف المألوف: الذي يخلط أخاه بنفسه في جميع أموره؛ لأن كل ذلك محتمل، ولا مانع منه عقلاً ولا شرعاً، وكما يحتمل أمور الدنيا فأمور الدين أولى.

  فأما قوله #: «خير الناس أنفعهم للناس»:

  فمما لا يفتقر إلى كشف؛ لأنه يحتمل العارة فما فوقها في أمر الدنيا، وهو في أمر الدين أعلى وأسنى.

  وقال ÷: «للمسلم على المسلم ست من المعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضر جنازته، ويرضى له ما يرضى لنفسه»⁣(⁣١).

  وليس المراد بقوله ÷: «يجيبه إذا دعاه»: مجرد الإجابة؛ لأنه قد يستوي فيها المحب والمبغض، وإنما المراد قضاء حوائجه، وإسعاف مطلوبه، وإيثار رضاه، هذا الذي ينبغي أن يحمل عليه كلامه ~ وآله.

  فأما قوله ÷: «ويرضى له ما يرضى لنفسه»:

  فصريح فيما نحن بصدده؛ لأنا نعلم من أحوالنا ضرورة أنا إذا سألنا غيرنا حاجة في أمر الدين أو الدنيا أن يقضيها لنا ولا يردنا عنها، فكذلك ينبغي أن نلزم أنفسنا إذا سأَلَنا أخونا حاجة قضيناها له، ولم يمنعنا تجويز ما لم نؤمر بتجويزه، وتقدير ما لم نؤمر بتقديره، من التعرض للنفع العظيم بمسرته، ودفع مضرته، وخلط أنفسنا بنفسه،


(١) روى نحوه في مسند الإمام زيد # (٣٩٤)، وفي الأمالي الخميسية للمرشد بالله نحوه (٢/ ٢٨٥).