كتاب تحفة الإخوان
  فقال #: فأما الفرس والبغل والحمار وغير ذلك من البهائم فما يتبين في فضله تغير من ريح أو طعم أو لون فلا يتوضأ به، وما لم يتبين في فضله شيء من ذلك فلا بأس بالتطهر به.
  وقال: لا بأس بسؤر المرأة الحائض ما لم يصبه من القذر شيء(١).
  والرواية في هذا الباب عن الناصر والمؤيد @ وأمثالهما من الأئمة $ تتسع، وعمن في طبقتهم من العلماء، فلا وجه لتطويل الكلام به، مع أن عندكم بحمد الله من ذلك ما فيه الكفاية، فكنا نكون في ذلك كجالب التمر إلى هجر، وقد ذكرنا كثيراً مما نعلم أنه عندكم بمنّ الله معلوم، فذِكرُنا له على وجه التأكيد والتذكير، ولأنه أبلغ فيما نحن نروم بيانه بتوفيق الله لنا ولهم، فإنما يراد العلم للسعة، وإيقاعاً للعمل مطابقاً لمراد الحكيم سبحانه، والتهوين على الراغبين، والتيسير للطالبين.
  وقد كان رسول الله ÷ يفرش رداءه لكثير من المشركين في حال شركهم، ولم يؤثر عنه أنه غسله، وأموره # محفوظة في دون ما هذا حاله.
  وكذلك فرش المخدة لعدي بن حاتم، وقال #: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»(٢)، فكان ذلك لطفاً في إسلامه.
  ومعلوم أن أكثرَنا أجراً، وأثبتَنا أمراً، أكثرُنا مطابقة له # واقتداء به، وقد أمر الله تعالى بذلك في قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
(١) الأحكام (١/ ٤٦) باب القول فيما لا يجوز التطهر بفضله من الدواب ومن ينجسه منها.
(٢) رواه ابن ماجه (٢/ ١٢٢٣) رقم (٣٧١٢) والبيهقي (٨/ ١٦٨) عن ابن عمر، والطبراني في الكبير (٢/ ٣٠٤) رقم (٢٢٦٦)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (١/ ١٨٨) عن جرير، والطبراني في الكبير (١١/ ٣٠٤) رقم (١١٨١١) عن ابن عباس، وأورده في سلسلة الإبريز بالسند العزيز، وغيرهم.