دلالة عقلية في الرد على المطرفية
دلالة عقلية في الرد على المطرفية
  ولو جوزنا أن صانعاً غير الله يقدر على خلق الأجسام والحيوان لكان شريكاً في الأمر جديراً بالعبادة والإلهية تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً بل دقيق العالم وجليله، وكثيره وقليله، صنع الله وتقديره، وخلقه وتصويره، ولا خالق سواه ولا رب غيره قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤}[البقرة: ١٦٤].
مشابهة المطرفية للثنوية
  وإنما قلنا إن هذه المقالة مقالة الثنوية، لأنهم قالوا بصانعين أحدهما: يفعل الخير، والثاني: يفعل الشر، وكل محبوب خير، وكل مكروه منفور عنه شر، وجهلوا في ذلك معاني الحكمة، فمنهم من قال بالنور والظلمة(١)، ومنهم من قال: (بيزدان وإهرمن) ومنهم من قال بثالث وهم المرقونية(٢)، فالذين قالوا بالنور والظلمة قالوا: هذه الآفات والصور المكروهات من فعل الظلمة، والمحبوبات والمشتهيات من فعل النور، وفاعل الخير لا يفعل الشر، وفاعل الشر لا يفعل الخير، وبمثل هذا قالت المطرفية.
(١) وهم المانوية: منسوبة إلى رجل اسمه - ماني بن واني الحكيم، والمزدكية: منسوبة إلى مزدك، والديصانية: منسوبة إلى ديصان.
(٢) وهم أصحاب يعقوب بن مرقون، قالوا: بإلهية النور والظلمة، وجعلوا لها شيئا ثالثا ليس نورا ولا ظلمة دون الله في النور ودون الشيطان في الطبع.