التحذير من مذهب المطرفية
  سبحانه، لأشركنا معه غيره ولجوزنا وجود الأجسام من غير القديم القادر لذاته، وذلك كفر.
  واعلم أن ما روينا عنهم إلا ما ناظرونا عليه مراراً وراجعونا فيه أسفاراً، ليلًا ونهاراً، فربما صرحوا به في الزروع(١) جملة، وربما قالوا لم يخلق الزرع تعالى في الأرض المغصوبة.
  فإن قلنا: لم؟.
  قالوا: لأنه يكون عوناً للغاصب؟
  قلنا: يا جهال البرية فحياته وقدرته أبلغ في باب المعونة من الزرع له، فانفوا حياته وقدرته وجسمه وآلته عن الله سبحانه، وابغوا له صانعاً آخر تعالى عن ذلك، ولن يجدوا إليه سبيلاً، ولا عليه دليلاً.
  ومما ذهبوا إليه خلاف دين الإسلام: نفي الإمتحانات عن الله سبحانه والأمراض والآفات، كالجذام والبرص والعمى والصمم، ونقصان الخلق، وآفات الزرع كالجراد والضريب وغير ذلك، وربما تعدوا إلى نفي الصورة الكريهة والهوام الموحشة كالديدان والجعلان، ولقد ناظرنا بعضهم في نفي خلق الدود من الله سبحانه، وقال ظننت أن الله يخلق الدود في بطن المسلم ينقض طَهورَه ومن هذا الجهل وما شاكله.
  واعلموا أيدكم الله: أن هذا القول زبدة مذهب الثنوية، وأنه لا قائل به من أهل الإسلام فضلاً عن العترة المرضية، وكل واحد من هذه الأقوال على بطلانه دليل من أدلة العقول، ومن الكتاب الكريم والآثار النبوية.
(١) بمعنى - ينفون أن الله خلق شيئاً من الزروع أصلاً.