[تحريم السكنى في دار الحرب وحكم الساكن فيها]
  وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله في المسلم والكافر «لا ترآءا ناراهما»، ذكره أهل العلم في تفسير غريب حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله، وأن المراد به المساكنة، وإلا فالمسلمون إذا نهدوا لحربهم أوقدوا النار إزاء النار، وكذلك المتاخم لهم من أهل الثغور ترآءا نيارهم، فلا وجه للحديث النبوي إلا المعاشرة والإخلاد إلى مساكنة الكفار، ولا نعلم أحداً من أهل العلم رخص في ذلك.
  وقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[فاطر: ١٨]، حق لا شك فيه وهو محض العدل، ولكن المساكن للكفار لم يؤخذ إلا بورزه وهو المساكنة لهم، والركون إليهم، وتجري عليه أحكامهم من القتل والاسترقاق واسترقاق الذراري، أي الأحكام الأربعة أجراه الإمام جاز ذلك: من قتل وأسر واسترقاق، أو فداء أو مَنّ، كل ذلك جائز، وعند النظر في هذه المسائل بعين البصيرة يحصل العلم بصحة ما ذكرنا، وهذا رأي لم نعلم خلافاً فيه بين أئمة الزيدية وعلمائهم سلام الله عليهم.
  ولما دخل الإمام يوسف بن يحيى بن الناصر $ صنعاء عنوة من ناحية الجنوب خامس شعبان سنة تسع وستين وثلاثمائة، وقتل سلمة بن محمد الشهابي في أربعين رجلاً، سبى من دار ابن خلف ودار أبي جعفر نساء كثير، وهل تظنه يستجيز السبي من غير دار الكفر.
  وكذلك الحسين بن القاسم # وهب أموال قوم من أهل البون لآخرين، ووهب الرقاب أيضاً، فهل تجوز هبة رقبة من لا يجري عليه الرق، وما ذلك إلا لجعله الدار دار حرب، وهذا هو الحكم، وإن كان يجوز أن يعفو عن السبي كما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في سبي هوازن، وينفذ الحكم كما فعل في سبي بني المصطلق، كل ذلك جائز والصورة واحدة، وحرمة المؤمنين والمؤمنات لا تنكر، ولكن