السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مصباح المشكاة في تثبيت الولاة

صفحة 424 - الجزء 1

  اعتراض عليه في ذلك لما بينا، فإنه # عفّ عن قرى السبيع وخرفان، ورد ما أخذ لأهل أثافت بعد قتل أبي عمر |، وأخذ قرية النميص وحصن علاف وضاه، وأملح في بلاد وايلة، وقرية الهجر في نجران.

  ورد أخوه أبو محمد # ما أخذ لأهل غفارة، وصالحهم عن باقي دعواهم بسدس العشر، وأخذ صرم بني الحماس من بني الحرث.

  فهذه الأحكام وما شاكلها يجب أن يعلمها جميع ولاتنا، وجميع المسلمين المتمسكين بطاعتنا، لئلا يفتنهم عن دينهم أحد من المتأولين المارقين، ولئلا يقع منهم اعتراض علينا، فإن جميع أعمالنا شرعية، وأحكامنا نبوية، على سنن قويم، وصراط مستقيم.

  وليعلم الخاص والعام أنا على منهاج الحق نلقطه لقطاً، وأن الطاعن علينا ما يريد بذلك إلا أن يجعل له علة عند العوام في تأخره عن الجهاد، وميله إلى الخفض والرقاد، ولعمري إن الاغتسال بالماء أهون من الاغتسال بالدماء، وإن أخذ أموال الله بلا رقيب أهون من أخذ أقرب نصيب.

  وكيف يعدل عن منهاج الحق من عرف حقيقة الأمر، وتيقن الحساب والعرض والوقوف بين يدي الكبير الأكبر، الذي يعلم بواطن الأمور كعلم ظواهرها، فليس يتوارى عنه شيء منها، وإتيان كل نفس معها سائق وشهيد، سائق يسوقها إلى بين يدي ربها، وشاهد يشهد عليها بعملها؟!.

  فكم هنالك من سعيد آثر الباقي على الفاني وعمل لما بعد الموت، ولم ينخدع بنضارة دنيا تمرُّ مَرّ السحاب، وتستحيل استحالة السراب، وفَكَّر في المبدأ والمعاد،