مصباح المشكاة في تثبيت الولاة
  واعلموا رحمكم الله أن الأمانة رأس الدين، والبصيرة أساسه، وإنما تجري إلى غاية يساق إليها المتخلف عنها سوقاً عنيفاً، فمن وصلها قد تخلص من عهدة ما عليه لربه، وتاب من عظيم ذنبه، كنت في جملة السابقين المقربين، ومن وصلها ثقيل الظهر من الأوزار، مستورطاً في حبائل الإصرار، كان حظه المصير إلى النار، وبئس القرار، فعليكم بالبصيرة قبل الإقدام على الفعل، ثم الأمانة بعد البصيرة، فإنكم قد ائتمنتم على جوارحكم وقلوبكم في الأحكام الظاهرة، فلا تخونوا أماناتكم في الباطن فتُفضحوا في الآخرة يوم يؤتى بميزان عدل يبين حبة الخردل وجناح الذر، ويؤتى بشهود قد عدَّلهم الحاكم، وقدّسهم العالم، ثم تساعدهم جوارحك بالشهادة بصدق ما ادعي عليك، هذا مع علم الحاكم بصحة ما قالوا وما ذكروا، فهل يسعه بعد ذلك إلا أن يحكم عليك بفعلك، ويلزمك حكم جنايتك، فانظر لنفسك قبل وقوع هذه الأحوال، ونزول هذه الأهوال، ولا تكن من الغافلين فليس بمغفول عنك، جعلنا الله وإياكم ممن إذا ذُكِّرَ ذَكَر، وإذا أعطي شكر، وإذا بُصِّرَ تَبَصَّر.
  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله الطاهرين وسلم.