عهد الإمام # إلى الأمير علي بن المحسن والشيخ ظهير الدين أحمد بن حجلان
  قَسِّطَا الأمر تقسيطًا، وتخففاً ما استطعتما تلحقا بالمحقين إن شاء الله، فإن هذه الدنيا من أصاب منها أصابت منه، ومن مال بها مالت به، كم من مستق لها سقته صرف العلقم، وسم الأرقم، ومعتز بسلطانها قد أوقعته لليدين والفم، وكم من مثقل بهضه حمله فانقطعت أباهره، وعدم ناصره؛ فآض سهيراً(١)، وانقلب خاسئاً حسيراً، فلا مالٌ نَفَعَه، ولا نصيرٌ مَنَعَه.
  فخذا - رحمكما الله - من أنفسكما لأنفسكما، وأكثرا الفكر في معادكما، وتزودا لمنقلبكما، وحاسبا أنفسكما قبل أن يحاسبكما من يزن الذرة بقسطاس مستقيم، تخفه وترجحه كراعها، ويميل به برثنها وذراعها، وذلك في الحقيقة كرأي العيان، فالله تعالى المستعان.
  فنسأل الله تعالى توفيقكما وتسديدكما، وعونكما وتأييدكما، وهو خليفتنا عليكما وعلى كافة المسلمين قبلكما في أديانكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، فهو خير المستخلفين والمستنصحين.
  وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله محمد الأمين وآله وسلم.
  وتاريخه في الأصل بهجرة دار معين لتسع عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر من سنة أربع وتسعين.
(١) في نسخة المجموع: (بهيراً): وهو انقطاع النفس من الإعياء.