عهد الإمام # إلى الأمير علي بن المحسن والشيخ ظهير الدين أحمد بن حجلان
  واجعلا أعمالكما كلها خالصة لوجه الله تعالى فإنه عز من قائل يقول: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ١١٠}[الكهف ١١٠]، وأقبلا على الضعفاء عند قضاء حاجاتهم بوجوهكما، ولينا لهم في كلامكما، فإن ضعفهم قد أرعب قلوبهم، وتظاهرَ دول الضلال قد أمات هممهم، فقد يئسوا من روح الحق ولم يطمعوا أن نقبل عليهم بالوجوه الشريفة.
  وإذا خرجتما من منزلكما فأفشيا السلام على مَن لقيكما من جميع الناس، ما لم يكن سكران تريدان حده، أو مجنوناً ظاهر زوال العقل فله شبهة بالبهيمة، وحكمه يفارق الصبي المميز.
  ولا تطلبا هيبة بغلظ الجانب، وترك الواجب، وأحسنا القول لمن أردتما رده من حاجة سألها، فإن حسن الرد قد يقوم مقام قضاء الحاجة، واسبقا بضماد الورم، قبل انفجاره بالقيح والدم، فتفتقرا له إلى العلاج بالمرهم الأخضر [والأدهم] أو زاد.
  وألزما الرعية تقدير أهل المراتب على مراتبهم، فقد كان رسول الله ÷ يقدم أهل البيوتات والأسنان والمروآءات، ويتجاوز عن هفواتهم ما لم تكن من الحدود الواجبات، والبراهين تقضي بذلك.
  من سب نبيّاً من الأنبياء كفر، ومن سب إماماً فسق، ومن سب عالِماً [أجرم، ومن سبّ] مؤمناً عصى وظلم، ولا يعلم تقدير ذلك مفصلاً إلا الله تعالى.
  ولا تقولا قولاً لا تعلمان كنهه ألكما أم عليكما، ولا تبسطا أيديكما في مال الله بسط المغتنم، ولا تمضغا مضغ القرم(١).
(١) القَرَمُ، محرَّكةً: شِدَّة شَهْوَةِ اللَّحْمِ