السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

رسالة تأكيد الحجة على الشيعة

صفحة 465 - الجزء 1

  إن الحق يا معشر المسلمين لا يضع أحداً عن درجته، ولا يحطه عن مرتبته، ولقد فرش رسول الله ÷ المخدة لعدي بن حاتم في حال كفره، وقال «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»، فكان ذلك لطفاً في إسلامه، فكيف بمن تقدم في الدين سبقه، وعرف بالإسلام حقه، فالشريف يزداد على شرفه شرفاً، والعالم مجداً، والعرئيس رئاسة، الحق يرفع المنازل، لا ينقض الفضائل، فلا تغروا رحمكم الله أنفسكم، فإن الحق ثقيل مريء، والباطل خفيف وبيء، وإن هذا الدين محروس بعين الله تعالى، مرعي بكلايته، محفوظ برعايته، لا تزال عصابة من آل محمد الطاهرين، سلام الله عليهم أجمعين، وطائفة من إخوانهم الصادقين، يضاربون عنه إلى أن تقوم الساعة، فكونوا رحمكم الله مع الصادقين، واعتصموا بحبل الله المتين، واسلكوا الصراط المستبين، وتابعوا لمن وجبت على الأمة طاعته، وظهرت براعته، واشتهر علمه وشجاعته، وبان ورعه وزهده، وعرف فضله وحده، واتضح سخاؤه، وكرمت أنباؤه، فانظروا لأنفسكم نظراً تحمد عاقبته في المعاد، وأكثروا من الزاد، فإني إنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، وها نحن لكم داعون إلى كتاب الله تعالى، وسنة نبيه ÷، وإلى أن نقيم ألسنتنا بالحق، وإلى أن لا تأخذنا في الله لومة لائم، وإلى العدل في الرعية، والقسم بالسوية، على مقتضى حكم الشريعة النبوية، فهل أنتم سامعون، ولدعوتنا مجيبون، إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين.

  والحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، وعليكم جميعاً أيها المسلمون.