كتاب دعوة إسماعيل
  وأما ردك شاباً: فإنما حتال لتسويد شعرك، وأنا أحتالك في ذلك بخضاب يُسَوُّده.
  وأما إدخالك الجنة: فوعدك أمراً غائباً لا تعلم حقيقته.
  فرجع إلى قوله، فكان سبب هلاكه، فنسأل الله تعالى التوفيق.
  فانظر لنفسك فكم من ملك قبلك، فكر في المعاد، فاستكثر من الزاد، وهجر الرقاد، وانتهى عن الفساد، فصار عند الله وجيهاً وعند الصالحين نبيهاً، فراجع أهل العقول من حاشيتك وغاشيتك، وإن أمكنك أن تجعلهم ممن لا يركب الفحشاء، ولا يشرب المسكر فافعل، فإن لم تجد ذلك، فاجعله ممن خطي نفسه في ذلك فهو أقرب إلى الحق، لأن المشير لا يكاد يشير إلا بما يلائم طبعه.
  فيشير عليك الجبان بما يؤدي إلى الجبن.
  والشجاع بالإقدم، والمتهور في الشجاعة بالغشم.
  والكريم بالإعطاء، والبخيل بالمنع.
  ولا بد من أن تؤمن من تستيشره من سطوتك، فإن السلطان دونك مهيب، فأكثر من يشير عليك يتوخى مرادك، ويؤثر إسعادك، فلا يشير عليك بشيء تكرهه وإن كان صواباً، فأَعْلِم من تستشيره بما يزيل عن قلبه الخوف، ليمحضك النصح.
  واعلم أني ما قمت طالباً لدنيا أصيبها، ولا لمال أجمعه، ما أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، ورفع المنكر، وترك الفواحش ما بطن منها وما ظهر، والإثم والبغي بغير الحق، فما أحد من المسلمين من يختلف في قبح شرب الخمر، وركوب الفجر، وقد نطق القرآن الكريم، ومضت به السنة الشريفة.