[كتاب الإمام (ع) إلى وردسار ومن معه في المحالب يدعوهم إلى الطاعة]
  هذه الحال، فو أيم الله لو أن محمداً ÷ خلف بهيمة لتقاصف الخلق على شعرها وبشرها، يتمسحون بها ويتبركون بأثرها، فكيف وقد خلف ذرية كريمة يقضون بالحق وبه يعدلون، يخلطونكم بأنفسكم، ويعلمونكم معالم دينهم، ولا يسألونكم على ذلك أجراً، فإذا احمرت الأحداق من الخوف كانوا ليوثاً عادية، فإذا اغبرت الآفاق من الجدب كانوا غيوثاً هامية، وإذا التبست المشكلات في العلم كانوا بحاراً زاخرة، قد دفعوا رداء الكبر عن أنفسهم، وتجلببوا بثياب الخشية للتواضع، يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، وهم أفضل أهل الأرض عند أهل السماء، لم تلوث أعراضهم أدناس المعاصي، يمسون ويصبحون ولا هَمّ لهم إلا صلاح هذه الأمة، كلامهم ذكر، وصمتهم فكر، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون، فهلم - رحمكم الله - إلى كلمة جامعة غير مفرقة، عادلة غير جائرة من سمعها وأجابها لم يبل بعدها بأن لا يسمع ولا يجيب، ومن صم عنها ولم ينتفع بسمعه فلا ينتفع بإجابته، قال رسول الله ÷: «من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم»، فاحزموا من هذا الخطر، ولا تمسكوا بحبل الغرر، وكونوا عباد الله الصالحين الذين قالوا {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا}[آل عمران: ١٩٣]، ففازوا مع الفائزين، ونجوا مع الناجين، ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم، فليس في الخطأ أسوة، ولا ينفع الخاطئ كثرة الخاطئين، ولا مع الحق وحشة، ولا يضر المحق قلة المحقين، ونحن وإياكم في دنيا قد ذهب صفوها وبقي كدرها، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، وهي عند الله أهون من قراضة الجلم، ونفاثة السواك عندكم، ولو رضيها لأنزلها عباده الصالحين، مِن غِيَرها أنك ترى المرحوم مغبوطاً، والمغبوط