[كتاب الإمام (ع) إلى وردسار ومن معه في المحالب يدعوهم إلى الطاعة]
  وهذا أبو حنيفة | أنفق الأموال الجليلة مع زيد بن علي، وهو ممن بايعه، واستأذنه في التخلف عنه فأذن له، ولما قام إبراهيم بن عبد الله # بالبصرة، كان ممن بايعه وأمده بالأموال سراً، وكتب إليه كتاباً يقول فيه:
  أما بعد: (فإذا ظفّرك الله بآل عيسى بن موسى فسر فيهم سيرة أبيك في صفين، فإنه قتل المدبر، وأجهز على الجريح، ولا تسر فيهم سيرة أبيك في أهل الجمل، فإنه لم يقتل المدبر، ولا يجهز على الجريح)، فوقع الكتاب في يد أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس - جدُّ أقاربنا المدعين للخلافة ببغداد، الذين جعلوا الخلافة ملكاً - فلما فرغ من حرب إبراهيم # بباخمرا، أمر لأبي حنيفة فعلم أنه يريد قتله، فأنفذ وصاياه، ورد ودائعه، وشخص إلى بغداد، فسقي شربة مات منها، فقبره هنالك، وهو شهيد في حبنا |.
  وقد كان الناس قالوا له: إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر.
  فقال: الحقوا بإبراهيم إنكم حلفتم مكرهين، وليس على مكره يمين.
  فقال له رجل: يا أبا حنيفة ما اتقيت الله أفتيت أخي بالخروج مع إبراهيم بن عبد الله حتى قتل. قال: قتلُ أخيك مع إبراهيم خير له من الحياة.
  قال: فما منعك من الخروج معه؟!. قال: ودائع للناس كانت عندي.
  فما أحد من أهل المعرفة يوسع لأحد من المسلمين في التخلف عنا طرفة عين، وإنما قد نجم في زماننا هذا قوم متفقهون متنسكون متفيهقون، لا يوجبون أمراً بمعروف، ولا نهياً عن منكر، إلا إذا درت معائشهم، وسلموا في أمر دنياهم، فلو أن الصلاة والصوم أضرا بشيء من أمر دنياهم لرفضوهما، وقد رفضوا من الفرائض أسناها وأشرفها، الجهاد