السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

منامات الفقيه الصادق علي بن أحمد الأكوع

صفحة 66 - الجزء 1

  هو يوم الخميس الثاني عشر من شهر ربيع الأول من سنة أربع وتسعين وخمسمائة، في الشهر الذي رأيت فيه المنام، فما كان بين قيامه وبين المنام إلا ثلاثة أيام، فلما صح قيامه لم أستحل وقوفاً عن الوصول إليه، ورحت من حراز إلى سناع فوقفت فيها يومين أو ثلاث، ونزلت صنعاء وأخذت في أهبة السلاح واللحاق، وذلك في جمادى الأولى، فرأيت ليلة في المنام كأن والدي يقول: يا سبحان الله العظيم ما هذا التواني، يتمنى الواحد قيام إمام الحق فلما صح له ما تمنى توانى هذا التواني، وغلظ عليه في ذلك وأعنف، فاعتذرته بأنه ما قطع بي إلا التأهب للمسير، فحثني على ذلك.

  قال الفقيه: ولما توجهت إلى الإمام # أمسيت في بيت الجالد⁣(⁣١)، فرأيت في المنام كأني مع الإمام وهو في عسكر عظيم، فقلت: يا مولانا، هؤلاء يسيرون ميمنة وهؤلاء يسيرون ميسرة، وأنت في الوسط، فقال: فأنت أين تسير؟ فقلت: يا سبحان الله يا مولانا أسير معك في أثرك، فسرت أثره، ثم رأيت أني طلعت درجة، وإذا سيف الإسلام وهو في حفير على هيئة السرير، وهو يتألم تألماً عظيماً أشد ما يكون من الألم، فقلت: لا يكون يتشجع علي، فقال قائل: لا يا هذا، انظر إلى ذلك العود الملوي ثَبَّتَ وسطه لا يريد يقوم معه أبدًا، وإذ بجارية باركة عليه وهي ترزمه إلى أسفل غاية الرزم، وإذا بجارية أخرى ترزم تلك الجارية وهي تقول لها: موتي فقد مات مولاك، وهي تكرر ذلك، فاستيقظت فأيقنت بهلاك الغز وزوال دولتهم.

  قال: ودخل الإمام صنعاء وكنت معه وأكثر الناس الأراجيف لمجيء إسماعيل فضاق صدري لذلك، فرأيت في المنام كأني ألقن هذه الآية: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ


(١) بيت الجالد: من بلاد أرحب، وبها قبر الأمير الشهيد حمزة بن أبي هاشم.