[وقعة يوم هران]
  خيل الإمام # ثمانين فارساً، بعضها معربة، فحاربهم المعسكر المنصور في شق السهل يوماً فهزمهم مع كثرتهم بإذن الله تعالى وسعادة الإمام #، ثم عزم # على بياتهم في محطتهم، فعلم بذلك بوزبا وهو رئيس الغز، فأفسد عسكر الإمام # بالعطايا والخلع، فكثر الرجيف.
  فلما علم بذلك جمعهم وشددهم وأمرهم بالصبر والجهاد فتحرك الغز للحرب، فأمر # أصحابه بالسكون ولا يبدؤوهم بحرب فلم يتقيدوا، فلما التقى العسكران انهزم من كان قد فسد ممن قد أطمع، وانهزم الباقون لذلك، فتأهب # للقاء العدو بمن بقي معه، فاجتمع إليه جماعة يسيرة يشيرون بالانصراف، فقال #: لا بد من لقاء القوم، فاجتهدوا في تأخره فلم يساعدهم ونزل في جماعة قليلة يؤم القوم، حتى لقيهم وجهاً بوجه، وقد تقلل الناس وما بقي معهم من الخيل إلا ثمانية فرسان أو تسعة وقدر خمسة عشر راجلاً، فلما رأى الغز رايته # ولم يكن لهم همة إلا قصده فقتل بين يديه جماعة من أصحابه قدر أربعة عشر رجلاً، وهو لازم على الأعقاب، وما ثنى رأس فرسه عن العدو حتى تخلص باقي أصحابه، وألمّ به العدو من يمين وشمال وخلف ما بينهم وبينه فارس ولا راجل، ولقد اجتهد أصحابه في إزعاجه خوفاً عليه حتى دقه الأمير صنوه عماد الدين بعقب رمحه دقة وقع معه منها ألم شديد، وما أقدم أحد عليه لما ألقاه الله في قلوبهم من هيبته، وما شاهدوه من شدة بأسه، وعرضه سيفه ورمحه دون أصحابه، وما علم الله في سلامته من عز الإسلام وصلاح الخلق، فرد عنه كيد عدوه بلطفه.